فصل :

كل نبي اعتبر ما جرى له ، وأعط حكمه للرائي. فمن صار آدم ، أو في صفته ، أو صاحبه : انتصر عليه عدوه ، وأزاله من منصبه ، وربما خرج من مكان إلى آخر ، ويرزق أولادًا ، ويحصل له نكد من جهتهم. فإن أبصره ناقص الحال ، ربما نقص حال كبيره الحاكآم عليه ، أو تغيرت مكاسبه ، أو صنعته. وإن كان في حال حسن ، عاد خيره عليه ، أو على من ذكرنا.

قال المصنف :

من صار آدم (13) تولى منصبًا مما يليق به ، فربما يكون هو أول من تولاه. وأعط كل إنسان ما يليق به.

كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت آدم ، قلت : تسافر إلى الهند.

ومثله قال آخر ، قلت : يقع في حقك نكد لأجل ثمرة أو زرع ، فكان كذلك. ومثله قال آخر قلت تفارق زوجتك أو جاريتك ، لكون آدم فارق حوى.

ومثله قال آخر ، قلت : تؤخذ ثيابك ، لأن آدم تعرى من ذلك.

ومثله قال آخر ، قلت : يؤخذ منك بستان أو زرع ، لأن آدم ُأخرج من الجنة.

ومثله قال لي ملك مصر ، قلت : تعمر بلادًا جددًا وذلك لأن آدم لما أراد أن يحج كلما وطىء مكانًا صار بلدًا.

ومثله قال آخر ، قلت : في فؤادك ألم ، قال : نعم ، لأن آدم تألم من الجوع والعطش.

ومثله قال آخر ، قلت : ما لك نسب معروف ، لأن آدم كان من تراب مختلف. واالله أعلم.


(13)قال الأستاذ أبو سعيد رضي االله عنه : فإن رأى آدم عليه السلام على هيئته نال ولاية عظيمة إن كان أهلا لها ، لقوله تعالى 🙁 إني جاعل في الأرض خليفة ) البقرة 30. فإن رأى أنه كلمه، نال علما لقوله تعالى: (علم آدم الأسماء آلها ) البقرة 31 ، و قيل: إن من رأى آدم اغتر بقول بعض أعدائه، ثم فرج عنه بعد مدة، فإن رؤي متغير اللون و الحال، دل ذلك على إنتقال من مكان إلى مكان، ثم على العود إلى المكان الأول أخيرا.